الخميس، 16 فبراير 2012

أسطورة خلق الكون في الأساطير اليونانية

أسطورة خلق الكون في الأساطير اليونانية
كيف فسرت الحضارة والثقافة الإغريقية ظهور الكون والآلهة؟ وكيف إنقسم الفراغ ليتحول الى أرض وسماء وبحر؟
أغلب الثقافات والحضارات أوجدت أساطير تساعد على توضيح كيفية خلق الكون وبداية الزمن. لأن أصل الكون مجهول، فكل الثقافات حاولت جاهدة لإيجاد تفسير لهذا الغموض.
أسطورة إغريقية مهمة برزت لنا عن طريق الشاعر الاغريقي "هيسيود" في قصيدة "ثيوجوني" التي تعتبر واحدة من اوائل الأساطيرالتي لم تندتر وبقيت لتشرح ظهور الأرض وميلاد الآلهة في اليونان.
قبل أن يكون هناك كل من الأرض أو البحر أو البشر او الآلهة، لم يكن هناك سوى الفراغ، وفي هذه الفترة، لم يكن هناك أي نوع من التنظيم، مجرد فراغ وفوضى، لم يكن هناك قمر أو شمس، لم تكن هناك جبال وأنهار أو أي ميزات على وجه البسيطة. في الواقع لم تكن هناك حتى الأرض، كل ما كان موجودا هو فراغ عظيم. حتى أنه لم يكن هناك زمن. في الأخير، هذا الفراغ قسم نفسه الى الأرض والسماء والبحر. وعند انتهاء هذا التقسيم كل شيئ كان مسالم ومثالي.
بعد أن إنقسم الفراغ العظيم الى الأرض والسماء والبحر، إلاهة ظهرت الى الوجود بدون أن تولد من أي أم، إسم هذه الإلاهة كان "جايا" الذي يعني الأرض، وقد بسطت سيطرتها على الأرض بينما تتشكل. الجبال فصلت عن السهول، والبحار والأنهار تشكلت، مثلما يرسم الفنان على اللوحة. "جايا" كانت مشغولة  في خلق هذه التحفة الجميلة. لم يمر الكثير من الوقت حتى بدأت "جايا" ترغب في الأولاد لمساعدتها في اعمار وحكم هذه الأرض البديعة.
رغبة "جايا" الجامحة في الأولاد أدت الى ان تحمل من تلقاء نفسها. أطلقت جايا اسم "اورانوس" على مولودها، وقد أصبح حاكم السماء، وبما أن السماء تغطي الأرض فقد أنجبت "جايا" إلاهة الأرض من "اورانوس" الإله السماء ثلاثة أبناء عمالقة أطلق عليها اسم ذوو المائة يد. وقد كانوا عمالقة كان لكل واحد منهم مائة يد وخمسون رأس. رغم أن جايا كانت سعيدة وفخورة بأبنائها وأحبتهم، إلا أن اورانوس كان خائفا من أن ينقلب عليه ابناؤه في يوم من الأيام. وبسبب هذا الخوف كان اورانوس قد كره أولاده وقد أعادهم بالقوة الى رحم جايا.
بعد أن قام اورانوس بإرجاع اولاده  ( ذوو المائة يد) مع جايا الى رحم جايا بالقوة خوفا من أن ينقلبوا ضده يوما ما ويحكمو مكانه، "جايا" ولدت ثلاثة أبناء عمالقة أخرين، وقد كانوا ايضا عمالقة ويسمون "السيكلوب". كانت لهم عين واحدة وسط الجبهة. بالرغم من أنهم كانو مرعبين، فهاؤلاء الآلهة الصغار كانو أقوياء جدا، كما أنهم كانو حرفيين ماهرين وقد صنعو الرعد والصواعق لأمهم لتستخدمها كأدوات واسلحة. ولسوء الحظ،  اورانوس كان خائفا من الثلاث "السيكلوب" أيضا، لذا، من أجل أن يتخلص منهم، اورانوس قيد السيكلوب ورماهم في مغارة بعيدة وعميقة، تسمى هذه المغارة "تارتاروس". شعر بعد ذلك اورانوس بأمان وهو يعتقد أنه لن يرى هؤلاء الأبناء العمالقة مرة اخرى.
وهي حزينة لفقدانها ذوو المائة يد والسايكلوب، وغاضبة على اورانوس المتوحش. جايا أنجبت مجموعة تالثة من الأطفال. يطلق عليهم اسم "التيتان". وكان عددهم اثنى عشر - ست الآلهات (انثى) وست من الآلهة (ذكور). كانو مختلفين كثيرا عن اقربائهم السابقين. التيتان كانو شبيهين بالبشر ولم تكن لهم ملامح وحشية.
أما أسماؤهم كانت: تيتيس، تيا، منيموساين، ريا، تيميس،فيبي، أما الآلهة الذكور فأسماؤهم: أوسيانوس، هيبيريون،ابيتوس، كرونوس، كريوس، ثم كايوس.
اورانوس كان مازال خائفا من أن ينقلب عليه أحد أبنائه في يوم ما، وبسبب خوفه هذا، دفع ابنائه التيتان ايضا الى داخل رحم جايا الى جانب اخوانهم  ذوو المائة يد، جايا ساخطة على اورانوس بسبب عدم سماحه لأبنائه للعيش بحرية. هي أرادت بشدة أن ترى أبنائها يعيشون حياة ممتعة وبدون قيود.
جاءت جايا بخطة تسمح بأن يولد أبنائها الى العالم والبقاء فيه، كانت جايا قادرة على التكلم مع أبنائها في رحمها الغائر، ولم تجد أي متاعب في إقناعهم لمساعدتها في خطتها. كرونوس - إبنها الأصغر من بين الإثني عشر تيتان، كان الأكثر حماسة لمساعدة أمه جايا في تنفيد خطتها. لذلك، عزم الإثنان على بدئ خدعتهم على اورانوس وتحرير التيتان وذوو المائة يد من رحم جايا الشبيه بالسجن.
كرونوس وجايا انتظرا الفرصة المناسبة لتنفيذ خطتهم. أخيرا، في إحدى الليالي عندما ذهب اورانوس الى سرير جايا، تسلل كرونوس من رحم جايا وطعن أباه المتوحش  بمنجل يستعمل في حصد المحاصيل. بينما اورانوس يلقى حتفه، تخوفه من أن ينقلب عليه أبنائه أصبح واقعا، انحنى اورانوس الى الأمام وألقى اللعنة على ابنه: قائلا "كرونوس" ..وهو يلهث للتنفس، "يوما ما سوف يحذث أن يقع لك ما فعلته بي لتوك" ثم إرتجف ومات على الفور، ونظرة غضب وخيانة مرسومة في عينيه.
بعد موت اورانوس، شعرت جايا وأبنائها بالحرية للمرة الأولى. التيتان وذوو المائة يد ولدو مرة أخرى من رحم أمهم جايا، والسايكلوب تحرروا من تارتاروس. جميع أبناء جايا قرروا أن ينصبوا كرونوس كملك لهم. تزوج كرونوس أخته، التيتان المسماة ريا، وحكموا الكون لمدة طويلة بسلام.